أريد أمل -~11*

- أفعلتِ هذا حقاَ؟
- نعم، لم أدرِ ما العمل وكنتُ غاضبة جداً فتصرفت قبل أن أفكر، لم أرد أن أتراجع
- أفهمكِ، ولكن كنتِ على الأقل جعلتني أرى رسالتكِ، الغضب أحياناً يجعلنا نكتب اسوأ الكلمات!
- لم أفكر في هذا، ربما خفت من أن أتراجع عن فعلتي، أتدرين بأني انتهكت اليوم مئة قانون!
- ولكنّكِ أرحتِ ضميرك
- لهذا لا أشعر بأي ذنب، بل براحة عجيبة
- أتمنى أن تكون هناك نتيجة
- يجب أن تكون هناك نتيجة، لكنّي أتمنى أن تحدث قبل فوات الأوان!
- لقد انتهيت، كان الطعام لذيذ                        
- أستذهبين لهم حقاً؟
- نعم، لقد فكّرتُ فيما طرحتِه علي، معكِ حق، فأن يعرِف والداها بالأمر أمرٌ مهم جداً، لأرى ردّة فعلهما أولاً، ولأتجنب أيّ ملامة لاحقاً، في كل الأحوال سأفعل هذا إلى النهاية
- تبدين مصرّة ومتمسكة جداً بهذا العمل رغم غرابته، ورغم الإحتمالات الكثيرة له والتي ليست في صالح المراهقة الصغيرة ولا صالحك
- لو رأيتها يا سوزان وهي تبكي في الكنيسة لفعلتِ أكثر من هذا، الحزن شعورٌ يبرع في الإنتقال إلي، فما بالك ومعه الوحدة والخوف، لقد آمنت بي واطمئنت إلي فكيف أخذلها؟
- أتمنى لك حظاً طيباً
- أتمناه لكلتينا، سنحتاجه
- معكِ حق
- أراكِ لاحقاً

توجهت مباشرة إلى منزل كاميليا، كانت متوترة جداً وحتّى خائفة فهي لا تعرف ما ستكون ردّة فِعل الوالدان إن أخبرتهما بأن ابنتهما تعتقد بأنها تفهم لغة هي لا تعرف ما هي ولم تسمعها إلّا مرة في حياتها، وتوّد هي أن تتأكد من هذا بدون تدخل أي طبيب! وفوق هذا كلّه هو أنها لم تأخذ موعداً معهم!

أسرع الباب بالانفتاح بعد أن طرقته وكأنّ هناك من ينتظرها، استقبلتها امرأة في الأربعين من العمر ذات شعرٍ أحمر فاقع لكنّه طبيعي وعينان زرقاوان، دعتها للدخول، لم تتوقع هذا أبداً ولكن كانت المرأة مرّحبة بها ولطيفة المظهر فدخلت، مع إنها كانت تخاف كثيراً من اللطفاء!

- أسفة إن كنتُ قد أتيت من دونِ موعد
- لا تهتمي، كدتُ أن أصاب بسكتة قلبية عندما علمت بأن هناك من سيأتينا هنا من طرف كاميليا، لن أقول بأني توقعت أن تكون مدرّستها، لكن هذا أفضل من لا أحد على الإطلاق، أنتِ تعرفين بأنها رائعة ولكنها لا تحب الاختلاط بالناس، حاولتُ معها كثيراً ولكنها لم تكن تحب الأطفال وتفضّل الكتب
- نعم لاحظتُ شغفها هذا وأوصيت لها بمجموعة مميزة من الكتب لتقرأها في العطلة
- نعم أعلم بهذا، لقد بقيت أسبوعاً تحدثني عن عالم هاري بوتر بشغف، مع انها رفضت أن تشاهد الفلم لأنها قالت لي بأنّك قلتِ لها بأن الرواية أفضل، لقد استمتعتُ فِعلاً معها وبدأنا نتخيّل بعض الأمور معاً كالأدراج المتحركة في المدرسة وشكل فولدمورت، لقد شاهدتُ الأفلام من غير علمها لكن لا تخبريها بهذا
- لن أفعل
- لا أخفي عليكِ قلقي، قالت كامي بأنكِ تريدين أن تحدثيني بموضوع ما يخصّها وأرادتني الموافقة عليه ولكنها رفضت أن تحدثني بماهيّته، لم أعتد أن تكون لديها أسرار، ليس عليّ إن كنتِ تفهمين ما أعني
- معكِ حق، أتفهم شعوركِ تماماً وأنا أعتذر فِعلاً ولكن ..
لم تستطع إكمال جملتها، شعرت بالسخف الشديد، ربما تكون قد تهوّرت اليوم، لم تتخيّل أبداً الأمور من منحى الأم، لم تتوقع بأن تكون أمها هكذا أصلاً، رغم أنها قد رأتها قبلاً في الاجتماع مع أولياء الأمور، لكنها لم تتعمق بالحديث معها وقتها ..

أسرعت والدة كاميليا بالقول لها ألّا تهتم وجلستا معاً في غرفة الضيوف ..

- أرادت كامي أن نتناقش وحدنا، تفضلي ..
- حسناً، سأدخل في صلب الموضوع ..
- اوه صحيح نسيت أن أقدم لكِ شيئاً، سأحضر لكِ بعض الشاي والبسكويت ..
- لا تهتمي، لا حاجة لذلك فعلاً
عندما وصلت لنهاية جملتها كانت تهمس لنفسها بها، لأن الأم طارت إلى المطبخ، لم تستطع اخفاء توترها، مما جعل توتر الكسندرا يتصاعد أيضاً ..

بعد دقائق وبعدما تذوقت الشاي وأثنت عليه وبعدما هدأت أعصاب السيدتان ظاهرياً على الأقل بدأت الكسندرا بالحديث بصورة ودّية كعادتها لتجعل الأم أكثر تقبّلاً لما تريد عرضه عليها فيما بعد ..

- كاميليا طالبة موهوبة جداً عندي، لقد طلبت من طلّاب صفّها في بداية العام المنصرم أن يكتبوا لي رسائل تعريفيّة بأنفسهم، قالت في رسالتها لي بأنها ستكون الأفضل وستبذل وسعها في هذا، وهي حقاً من أفضل طلّاب دفعتها
- هذه هي عزيزتي كامي
- الفضل في هذا يعود لكم في جعلها تحب القراءة لهذه الدرجة
- لقد اكتشفت موهبتها هذه بنفسها منذ أن كانت صغيرة
- وهي بارعة بها
استأنفت كلامها بعد فترة قليلة من الصمت

- التقيتها منذ أيّام صدفة في الكنيسة المجاورة لكم
- هي دوماً تذهب للكنيسة، خصوصاً أيّام الآحاد
- يبدو عليها بأنها فتاة جيّدة
- أنا واثقة من هذا
- معكِ حق، لا يوجد الكثيرين مثلها هذه الأيام ..
سكتت بعد أن كادت أن تخرج عن دفّة الموضوع بعدما وصلت له بصعوبة أصلاً، ثم استأنفت كلامها

- لهذا استغربت بكائها وقتها بشدّة وحزنها الشديد، كانت تبدو في غاية الحزن ..
انتفضت الأم بشدة وكأنها صدمت وأسرعت بالسؤال عن السبب ..

- لقد قالت لي بأنها خائفة أن تزعجكما أو أن تجعلوها تذهب إلى الطبيب النفسي مرّة أخرى ..
- عادت لها الكوابيس مرة أخرى؟
- أيّ كوابيس؟
- اوه الحمد لله، لقد أقلقتِني! إذاً ما كان الأمر؟ ولمَ كانت خائفة؟
- لقد قالت لي بأنها رأت أناساً منذ فترة أزيائهم غريبة في الحديقة العامة للمدينة وكانوا يتكلمون لغة غريبة ..
- وما المشكلة في هذا؟
- قالت لي بأن الأم كانت توّبخ صغيرها لإكثاره من السكاكر عند الضيوف وبأنها لن تعطيه أياً منها في المنزل وكان الطفل يبكي ويتوسل بها أن تسامحه ..
بعد فترة صمت قليلة قالت الأم

- عذراً، لكن لم أفهم أين المشكلة بعد!

- " لقد فهمتُ لغتهم" هكذا قالت لي، مع أنها لم تستطع أن تعيد لي ما سمعت ولكنها كانت متأكدة من هذا، حتّى زي المرأة الغريب كان يبدو لها مألوفاً جداً وكأنها رأته من قبل الكثير من المرات، سألتني إن كان هناك حقاً عالم سحرة وسيأتون ليأخذونها فنفيت لها الأمر بشدّة وهدّأتها .. طلبت مني مساعدتها وأن أنصحها فوعدتها بأن أساعدها في معرفة هذه اللغة .. لكي على الأقل أعرف إن كان هذا خيال أو أي مرض ثاني .. أعرف بأن ما أقوله الآن يبدو غير منطقياً ولكنّي حقاً أود مساعدتها ..
- لقد استغربنا في البداية عدم تذكرها لأي شيء، ثم قلنا بأن هذا من حسن حضنا، لم أتخيل أبداً أن تتذكر شيئاً بعد كلِّ هذه السنين!

2 قطرة / قطرات:

  1. سلام عليكم..
    على ما يبدو ان الجميع يصارع لإثبات احقيته بأن الامل من حقه وهو جذير به، بدءً من كاميليا صاحبة القضية التي تعيش صراع إثبات الهوية ، وهي من الصراعات المدمرة إن لم تكن من القاضية ، إن لم تجد لها حل.
    الام هي الاخرى تعيش هواجس فقد كاميليا ، بعد جهد جهيد على ما يبدو على إخفاء حقيقة كاميليا حقيقة هي الاخرى مدمرة .
    السكندرا تعيش صراع إحقاق الحق وإراحة الضمير في سعيها على انتشال كاميليا مما هي فيه من صراع طبعاً بمؤازة سوزي التى لم يتضح دورها للآن في كشف حقيقة كاميليا.
    كيف سينتهي الصراع وإرادة من الاقوى ..؟ هذا ما نأمل الوقف عليه في قادم التتمة.
    توجهت مباشرة إلى منزل كاميليا..ارجو التصحيح لان السكندرا هي الذاهبه
    حتى يأذن الله بالتتمة كونوا بخير

    ردحذف
  2. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    الأمل من حق الجميع، لا أظن أنّ الأمل يؤخذ من الغير، وهنا جزء من جاذبيته وجماله ...

    تم التصحيح شاكرة جداً للتنبيه ^_^

    دمتم في حفظ الرحمن عزّ وجل وتوفيقه

    ردحذف

بضع أحرف مرصوصة منك، ستشجعني، تفرحني، تقوّمني ...

لا تستصغر شأنها، وتكرّم بكتابتها لي ..

شكراً لوقتك سيدتي وسيّدي

 

قطرة.من.بحر.الحياة © 2012 | Designed by Cheap Hair Accessories

Thanks to: Sovast Extensions Wholesale, Sovast Accessories Wholesale and Sovast Hair