,

لا بد لنا من الأمل

عندما يشتد الحزن، عندما تتقرح القلوب، يجب أن نفرح!

فهذا يعني بأن فرحة قريبة على وشك الولادة، وما يواجهنا الآن ألم المخاض ...

نحن فقط نحتاج لهذا الألم كي نستطيع الاستمتاع لاحقاً بتلك الفرحة ...


*** -- *** -- *** -- ***


هناك أناس بعيدون عنك، تتألم لآلامهم، تحزن لحزنهم، تدعو لهم ...

رغم أن لا علاقة قوية الآن تربطكم، لكن يوماً ما تشاركتم الذكريات، جمعتك بهم الحياة ...


ابتهج، ما زلت إنسان !!

*** -- *** -- *** -- ***


لا بد لنا من الأمل ... وإلّا فكيف سنصبر؟

كيف سنتحمل كميّة اللامعقول في هذا العالم الواطئ!

الذي حتى اسمه يعني التدني والدنو ...

عندما نفقد هذا الأمل، هذه الثقة، هذا الصبر

سنبدأ بالتحول ...

وعندما تزداد هذه الطاقة رغم الصدمات،

عندما تثبت وتتمكن منّا، حين تجعلنا نواجه القواعد المنهكة لنا، وتبقى في القمة 

نكون وقتها قد استطعنا الارتفاع ...

تصبح اقدامنا مجرد أدوات، كالطيور الشامخات، رغم قدميها إلّا أنّ مكانها رحاب السماء ...

وهكذا ...

نصر على التمسك بالأمل، والحب، والثقة، والعمل ...

فنضمن قلباً مفعماً بالسكن !


*** -- *** -- *** -- ***

شكراً لك ربي، أحياناً لا أتحمل أنا نفسي، فكيف تتحملني؟

وتصبر علي، وتتغمدني،

وتحنو علي، وتساندني ...

انا فقط أشكرك، لمساعدتي،

فمن أنا كي تقبل بي!

وكم أنت رحيم، عظيم، لطيف،

 كي تجاورني .


أريد أمل -~13*

بعد مضي اسبوعان قرروا أن يجعلوها لأول مرة تقابل عربية وتستمع للغة العربية بشكلٍ حي، بعد أن تأكدوا بأنها هي اللغة المنشودة، لم يتوقع والداها الأمر لأنّ صورة العربي المرسومة في مخيلتهما هو ذلك الشخص الأسمر الذي يرعى الغنم ويربي الماشية، أن تكون فتاة بعينان صافية كحجر التورمالين الأزرق، وبشرة عاجيّة تنافس ببياضها العاج نفسه، وشعرٍ بنّي فاتحٍ، ناعم مسترسلٍ كثيف، هذا مستحيل، أو هكذا كانا يعتقدان، وليسا وحدهما، فهناك الكثير ممن يجهل الكثير عن الكثير ...

توقعت أم كاميليا أن يكون أحد أبوي كاميليا على الأقل أجنبياً وصادق على رأيها الأب، وإلّا ما الذي يجعلها توجد في بلدٍ يقع في قارة أمريكا، وكيف وجدت فيها من غير أي شخصٍ أو شيءٍ يوضح هويّتها؟ ربما لا تكون إبنة شرعيّة فطمست هويّتها في هذا العالم، لكن لم تخبرها بهذه المعلومة ..

لقد استطاعت تمييز اللغة العربية بسهولة كبيرة، بعد ثلاث أيام من اللغات التي قدّمت إليها وتعب الكسندرا معها، كلا الوالدان قدّرا موقف الأستاذة واحترماه، وكانت تستحق هذا الاحترام ...

أصعب جزء من المسؤولية كان عندما سألتها كاميليا بخجل "أستاذتي، هل أستطيع أن أقابل شخصاً عربياً كي أتأكد؟ أعني، أريد أن أستمع لهذه اللغة من متحدثٍ بها" كانت ماتزال مترددة ولا تفهم ما الذي يحدث معها، شرح لها والديها فيما بعد اكتشافها لهذه الحقيقة – استطاعتها فهم لغة أخرى – كيفيّة العثور عليها في وسط العاصفة الثلجيّة قرب منزلهما الجبلي القديم، كيف كانت ثيابها ممزقة وجسدها دامي، كيف كانت تبدو شاحبة وأقرب للموت من الحياة، كيف كانت جميلة جداً وكأنها ملاك، ذكرهما منظرها وقتها ببائعة الكبريت، كيف أنهما اتصلا بالطوارئ، ومسح المكان لم يسفر إلّا عن سيارة محترقة وجثث متفحمة لا يمكن معرفة منها أيّ معلومة لوجودها في وادٍ سحيق يتعذر الوصول إليه، كيف كان ذاك الشهر مخصص لتحديث كاميرات المراقبة في الطرق القريبة من الجبل الذي يكاد يكون مهجور مما جعل من الاستحالة معرفة أي معلومة عن السيّارة أو المسافرين، وخصوصاً أن المناطق القريبة تنتشر فيها أمور محرّمة دولياً يجعل أصحابها في غاية التكتم والسريّة مع الشرطة بل مع الجميع، كيف كانت نجاتها معجزة، كان الأهم هو الكوابيس التي كانت تعانيها وهي تستيقظ تبكي وتنادي "عسل" ...

ضحكت الأم وقالت "لم نفهم في البداية بأنك كنتِ تطلبين العسل فقد كنتي تلفظين الكلمة بطريقة غريبة، لكنّا سرعان ما فهمنا وأكدتِ الأمر لنا بعشقكِ وتعلقكِ به"، لقد تعلق الزوجان الذان لم يرزقان بأطفال بها، لم يكونا يريدان طفلاً لانشغالهما بالعمل والدراسة لكن عندما كانت بين أحضانهما وهي بين الحياة والموت لم يريدا مفارقتها، كان جزءاً كبيراً من اصرارهما ذاك هو شفقة سرعان ما تحوّلت إلى محبّة كبيرة، كانت قد فقدت ذاكرتها وتبدو في غاية الضعف، هي حتى لم تتكلم معهما إلّا بعد أشهرٍ من مكوثها في المنزل، وقتها أخبرهما الطبيب أن هذا قد يحدث بسبب الصدمة والقلق وافتقاد الأمان، وخصوصاً أنّ الفحوص أشارت كلّها بعدم وجود أي مشكلة في النطق، "كنتِ هبة من الرب الذي كنت أشك بوجوده قبل لقائكِ طفلتي" قال لها والدها، فقد اختفت تقريباً أغلب المشاكل التي كانت تهدد زواجه وأمها بمجرد قدومها، وهكذا اعتبراها حمامة السلام البيضاء الخاصّة بهما، لم يرغبا باخبارها بأنها ليست ابنتهما البيولوجيّة لما قد يسبب هذا من صعوبة عليها، وشجعهما على ذلك فقدان ذاكرتها الذي كان هناك احتمال كبير أن يكون دائمياً كما أخبرهما الطبيب، ولأنه كانت هناك آثار لسوء المعاملة متمثلة بضربٍ على أنحاءٍ متفرقة من جسدها - وهذه المعلومة التي لم يفصحا ولم ينويا أن يفصحا عنها لها أبداً -

- كل شيء يشير إلى أنّ والداكِ قد توفيا، فلم نرد أن نجعلكِ تظنين ولو ليومٍ بأنّكِ قد تكوني عضوٍ دخيل أو غير مرغوب فيه، لم نرد أن نجعلكِ تفكرين بهذا ولو للحظة، فأنتِ ابنتنا!


قالها الوالد ضارباً على صدره بقوّة، كانت هذه العمليّة من أصعب ما مرّ عليهما في حياتهما، لأنها تختص بأعز ما يملكان، ولكن احتضانها لهما بحنيّتها وبكائها، قولها لهما " شكراً، أحبكما" جعلت أجزاء المحبّة التي بنيت على ركام تكتمل، وكل شكٍّ ربما كان في القلبِ يندثر ..

أريد أمل -~12*

- السلام عليكم
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، كيف كان تدريبك اليوم حبيبي؟
- الحمد لله بخير ماما
- الف الحمد لله، عساكَ دوماً بخير يا عزيزي، هيّا غيّر ثيابك بينما أعد الطاولة للغداء
- حاضر ..
استدار ليذهب لكن نظرة ليده ذكّرته بما أراد السؤال عنه، فاستدار قائلاً:
- ماما هل تعرفين أحدٌ من خارج بلدنا؟
- نعم، في السعوديّة هناك بيت عمّك، وفي لبنان بيت خالتك، أظنّك تعرف هذا!
- أقصد، ألا تعرفين أحدٌ في غير بلد؟
- كلّا، لماذا؟
- انظري ماذا وجدتُ اليوم في البريد
سلّمها ظرفان ذوا طابعٍ غريبٍ لم تألفه قبلٌ عيناه، كان الشيء الوحيد المؤكد هو أنهما لوالداه لأنّ اسمهما على كلّ ظرفٍ منه ..
- مممم، ربّما كان من أحد معارف أبوك، عندما يأتي سأسلمها له بإذن الله، هيّا اسرع الآن
- حاضر

بعد عدّة ساعات، في غرفة نوم الوالدان ..

- تأخرت اليوم يا عزيزي
- لو تعرفين صعوبة العمل، مع كلّ صعوبات عمل المحامي فهي لا تعتبر شيئاً بالنسبة للتجارة
- هذا لأنك درست المحاماة وأحببتها
- نعم، كانت شغفي يوماً ما ..
- عزيزي، هذه رسالتان وجدها هاني اليوم
- مممم، لنرى ممن هي ..
- المضحك في الأمر أنّ الرسالتين مرقمتان!
- هاهاها، حقّاً، إذاً لنقرأ رقم واحد!
- انظري
- شيك بمليار دولار!
- دعينا نقرأ الرسالة!

  
بسم الله الرحمن الرحيم


أعتذر عمّا سببته لكما من حزنٍ وألم، لم أكن أعرف أنّ هذا ما ستؤول إليه الأمور، لكما كل الحق في عدم مسامحتي، وفي الدعاء عليّ ليلاً ونهاراً، أنا فقط لم أكن أعرف بأن مريم ستُفقد للأبد، كنتُ أحبّها أيضاً، انغمستُ في الموضوع من أجل المال فقط، لم أكن أعرف بأن نواياهم كانت ادنئ ...

لا أحد يعرف اليوم مكانها بل ومكان الذين شاركوا في سرقتها، فقد فقدنا الإتصال بالذين كانت معهم في نفس شهر الاختطاف ولم نسمع أيّ خبر عنهم منذ ذلك الحين، كان أحد أسباب بقائي معهم فترة طويلة هو الحصول على أيّ معلومة منهم، ظننتُ في بادئ الأمر أنهم أخفوا المعلومات عني لخوفهم من خيانة قد تبدر مني، ولكن اليوم أنا متأكدة من أنّ لا أحد يعرف بأمر تلك المسكينة غير بارئها ...

أرفق برسالتي مبلغ بسيط أرجو أن تتقبلوه، هو لن يعوّض الخسارة أبداً ولكنه ثقل كبير على كاهلي، استخدموه كما شئتم.


آسفة



كانت الصدمة المطلقة هي التي تمثل تعابير الزوجان تلك اللحظة، ثم دقائق صامتة كفيلة بترطيب وجهيهما، من كان يظن بأنهما عندما سيسمعان بأمر ابنتهما سيعرفان بأنها حقيقةً مفقودة كلّ تلك السنوات، كيف يذهب أمل سنين بلحظات؟

الحزن، الهم، الألم ..
الجرح، الفقد، الوهم ..

لقد تجسدوا في تلك اللحظة من كلمات، إلى ماديّات، تلمسها المنكوبان، الذين قضيا ليلتهما تلك يبكيان، وفي أحضان بعضهما يتدثران ..

ما أطول الليل عندما ننتظر فيه النهار!
فكيف يكون الليل عندما لا ننتظر بعده نهار .. ؟

حين الحزن، والصدمة!

كلّا، أنا غير مهتمة ...
إنّه فقط ألم قليل الذي يحيط بقلبي ...

كلّا، لا يعنيني الأمر ...
هذا فقط حزن قليل بلا مصدر ...

لا، لا يؤثر عليّ الأمر بشيء ...
فقط أصبحت لا أفعل أيّ شيء ...

أنا خارقة، أستطيع مواجهة كلّ شيء ...
لا أدري لما أحلم بكوابيس في الليل ...

أنا قويّة، مغرورة، وأفهم بكلّ شيء ...
بحيث أمضي الليالي بأرق يسرق مني حلاوة كلّ شيء ...

أنا أثق بنفسي !
كم أتمنى أن أثق بغيري ...

لا أبوح لأحدٍ بهمّي ...
لم أجد أحداً يحتضنني في حزني ...

لا أريد أن أتكلم عن مشكلتي ...
لا أجد شخصاً ائتمنه على سرّي ...

لا أحتاج لأحدٍ ينصحني ...
لو أنّ هناك أحداً يهتم بي، فليأتي بسرعة ويخبرني ...




ألا توافقونني الرأي؟
بأننا غالباً نقول جزء ونخفي الآخر؟
لنقرأ إذاً -أو نحاول قراءة - ما خبّأتهُ النفوس، قبل أن نحكم على الآخر!





,

الغرفة المبعثرة

الصورة مأخوذة من النت مع بعض التعديلات

أشيائي مبعثرة بعشوائيّة في كلّ أرجاء الغرفة ...
مزاجي، يمشي متعثراً بكل غرض فيغضب مرّة ويضحك فرحاً مرّة أخرى ...
لن يطول الترتيب أكثر من ربع ساعة، بل ربّما أقل أو أكثر بخمس دقائق ...
لكنّي أترك كل شيء على حاله  ليناسب مكاناً عميق ...
أشعر بأنّ كل شيءٍ فيَّ في موضعٍ لا يمت بصلة للموضع الآخر ...
لا يجمعهم سوى مضلّع ثلاثي الأبعاد ...

أبكي حيناً على وضعي وبؤسي ...
أكتب أحياناً عن رضوخي ...
أتكلّم مرّاتٍ عن تمردي ...
أحزن سويعاتٍ على واقعي ...
أضحك مرّاتٍ لأجدني ...
أفرح مرّاتٍ وأقول هذا الأفضل لي ...

أحتار أيّ الطرق أفضل، أأحمل الملابس وأعلقها؟ أم أرتبها ثم أعلقها؟ أم أبدأ بكنس الغرفة؟
أوجودها هكذا يشير إلى إهمالي أم خيبتي فيما وفيمن حولي؟
هل القدر اختار هذا لي؟ أم أنا التي أصنع قدري؟ 
أيُّ الأقدارِ أفضل؟ أهذا الذي أعيشه الآن أم الذي أريد أن أعيشه في مخيّلتي؟
أيجب عليّ التسليم لواقعي؟ أم يجب عليّ الرضا به ولا أطمع بما ليس لي؟
أم إنّ الاستسلام ما يطلق الحين على قرار عقلي؟

قطعة اشتريتها حديثاً مع قطعة اشتريتها قديماً، القديمة أحبها والجديدة رغم مدحهم لها لا أجدها تناسبني ...
ففصالها أكبر منّي ...
ربما إن ارتديتها ثلاثين أو أربعين سنة مستقبلاً أجدها تعجبني ...
ولن تعجبهم حينها لأنّ اللون تحبّه بشرتي ...

أتشعر تلك القطع بالإستغلال؟ أم أنّها مرتاحة لأنها ممددة تحت فضاء الغرفة؟ ...
أتحب أن تعود محبوسة داخل بيبان أم أنها تفضل الحريّة الغير مشروطة؟ ...
أتكون ممتنة لي أم ناقمة علي لأنني سببت لقماشها تجاعيد مبكرّة لن أستخدم أي مكواة لإخفائها؟ ...

بالرغم من تلك العبثية لو سألني أي أحد عن مكان أيّ شيءٍ سأجده بسهولة أكبر مما لو رتب أحدٍ الغرفة عني ...
أعرف مكان كل شيء ويحفظهُ جيداً دماغي أفضل مما لو كان مرتباً ترتيباً منطقي ...
حسناً لو كنتُ أنا من رتبه بدون شك، سأعرف أيضاً بكل سهولة مكانه.



رسائل ... آمنة خضر


كنتُ صغيرة، وفي بلد عربي غير بلدي، طالبة مجدة، والأولى على صفّي ...
كانت هي مدرّستي، كم كنتُ أهواها، كانت قدوتي ...

لباسها عبارة عن حجاب وملابس بسيطة، أنيقة، كانت جميلة جداً، هكذا كنتُ أراها ...
كانت تميزني، وتعوضني ...

في مرّة اكتشفت غشّي، شكتني إلى المسؤولة وخاصمتني ...
لقد تدبرت أمري بدون معرفة أهلي ^_^
ولكن ساءني برودها معي وحزنها مني ...
لقد كانت تعاقبني، وكان هذا جداً يؤلمني ...

مرة قلتُ لها بأني سأكون مثلها، قالت لي بأن لا أنزل رأسي للأرض مثلها وأنا أمشي، ولم تكن تفعل ذلك إلّا من باب الحياء ...
ولم تردني أن أفعل ذلك كي لا أصاب بحدبة، ذلك الباب الذي ميّزها أيضاً، كانت تمتلك الحنان ...

سافرتُ أنا وضاع رقمها، ربما لم أتصل بها، لكنّي أبداً لم أنساها ...
شكراً لكِ أستاذتي لأنكِ كنتِ قدوة جيدة وانسانة طيّبة ...
أتمنى أن تكونِ بخير وبصحة جيدة، كم أتمنى لو أعرف عنكِ خبراً، زواج وأطفال وعائلة سعيدة تصنع البهجة في أجيال المستقبل ...


دمتِ بود، آنستي ... أحبّك


**************
ملاحظة/: مشاركة هنا، في هذه الحملة لكتابة خطاب أو رسالة -يستحسن أن تكون شكر- في أوّل جمعة من كل شهر، أتمنى مشاركتكم معي بها :)

أريد أمل -~11*

- أفعلتِ هذا حقاَ؟
- نعم، لم أدرِ ما العمل وكنتُ غاضبة جداً فتصرفت قبل أن أفكر، لم أرد أن أتراجع
- أفهمكِ، ولكن كنتِ على الأقل جعلتني أرى رسالتكِ، الغضب أحياناً يجعلنا نكتب اسوأ الكلمات!
- لم أفكر في هذا، ربما خفت من أن أتراجع عن فعلتي، أتدرين بأني انتهكت اليوم مئة قانون!
- ولكنّكِ أرحتِ ضميرك
- لهذا لا أشعر بأي ذنب، بل براحة عجيبة
- أتمنى أن تكون هناك نتيجة
- يجب أن تكون هناك نتيجة، لكنّي أتمنى أن تحدث قبل فوات الأوان!
- لقد انتهيت، كان الطعام لذيذ                        
- أستذهبين لهم حقاً؟
- نعم، لقد فكّرتُ فيما طرحتِه علي، معكِ حق، فأن يعرِف والداها بالأمر أمرٌ مهم جداً، لأرى ردّة فعلهما أولاً، ولأتجنب أيّ ملامة لاحقاً، في كل الأحوال سأفعل هذا إلى النهاية
- تبدين مصرّة ومتمسكة جداً بهذا العمل رغم غرابته، ورغم الإحتمالات الكثيرة له والتي ليست في صالح المراهقة الصغيرة ولا صالحك
- لو رأيتها يا سوزان وهي تبكي في الكنيسة لفعلتِ أكثر من هذا، الحزن شعورٌ يبرع في الإنتقال إلي، فما بالك ومعه الوحدة والخوف، لقد آمنت بي واطمئنت إلي فكيف أخذلها؟
- أتمنى لك حظاً طيباً
- أتمناه لكلتينا، سنحتاجه
- معكِ حق
- أراكِ لاحقاً

توجهت مباشرة إلى منزل كاميليا، كانت متوترة جداً وحتّى خائفة فهي لا تعرف ما ستكون ردّة فِعل الوالدان إن أخبرتهما بأن ابنتهما تعتقد بأنها تفهم لغة هي لا تعرف ما هي ولم تسمعها إلّا مرة في حياتها، وتوّد هي أن تتأكد من هذا بدون تدخل أي طبيب! وفوق هذا كلّه هو أنها لم تأخذ موعداً معهم!

أسرع الباب بالانفتاح بعد أن طرقته وكأنّ هناك من ينتظرها، استقبلتها امرأة في الأربعين من العمر ذات شعرٍ أحمر فاقع لكنّه طبيعي وعينان زرقاوان، دعتها للدخول، لم تتوقع هذا أبداً ولكن كانت المرأة مرّحبة بها ولطيفة المظهر فدخلت، مع إنها كانت تخاف كثيراً من اللطفاء!

- أسفة إن كنتُ قد أتيت من دونِ موعد
- لا تهتمي، كدتُ أن أصاب بسكتة قلبية عندما علمت بأن هناك من سيأتينا هنا من طرف كاميليا، لن أقول بأني توقعت أن تكون مدرّستها، لكن هذا أفضل من لا أحد على الإطلاق، أنتِ تعرفين بأنها رائعة ولكنها لا تحب الاختلاط بالناس، حاولتُ معها كثيراً ولكنها لم تكن تحب الأطفال وتفضّل الكتب
- نعم لاحظتُ شغفها هذا وأوصيت لها بمجموعة مميزة من الكتب لتقرأها في العطلة
- نعم أعلم بهذا، لقد بقيت أسبوعاً تحدثني عن عالم هاري بوتر بشغف، مع انها رفضت أن تشاهد الفلم لأنها قالت لي بأنّك قلتِ لها بأن الرواية أفضل، لقد استمتعتُ فِعلاً معها وبدأنا نتخيّل بعض الأمور معاً كالأدراج المتحركة في المدرسة وشكل فولدمورت، لقد شاهدتُ الأفلام من غير علمها لكن لا تخبريها بهذا
- لن أفعل
- لا أخفي عليكِ قلقي، قالت كامي بأنكِ تريدين أن تحدثيني بموضوع ما يخصّها وأرادتني الموافقة عليه ولكنها رفضت أن تحدثني بماهيّته، لم أعتد أن تكون لديها أسرار، ليس عليّ إن كنتِ تفهمين ما أعني
- معكِ حق، أتفهم شعوركِ تماماً وأنا أعتذر فِعلاً ولكن ..
لم تستطع إكمال جملتها، شعرت بالسخف الشديد، ربما تكون قد تهوّرت اليوم، لم تتخيّل أبداً الأمور من منحى الأم، لم تتوقع بأن تكون أمها هكذا أصلاً، رغم أنها قد رأتها قبلاً في الاجتماع مع أولياء الأمور، لكنها لم تتعمق بالحديث معها وقتها ..

أسرعت والدة كاميليا بالقول لها ألّا تهتم وجلستا معاً في غرفة الضيوف ..

- أرادت كامي أن نتناقش وحدنا، تفضلي ..
- حسناً، سأدخل في صلب الموضوع ..
- اوه صحيح نسيت أن أقدم لكِ شيئاً، سأحضر لكِ بعض الشاي والبسكويت ..
- لا تهتمي، لا حاجة لذلك فعلاً
عندما وصلت لنهاية جملتها كانت تهمس لنفسها بها، لأن الأم طارت إلى المطبخ، لم تستطع اخفاء توترها، مما جعل توتر الكسندرا يتصاعد أيضاً ..

بعد دقائق وبعدما تذوقت الشاي وأثنت عليه وبعدما هدأت أعصاب السيدتان ظاهرياً على الأقل بدأت الكسندرا بالحديث بصورة ودّية كعادتها لتجعل الأم أكثر تقبّلاً لما تريد عرضه عليها فيما بعد ..

- كاميليا طالبة موهوبة جداً عندي، لقد طلبت من طلّاب صفّها في بداية العام المنصرم أن يكتبوا لي رسائل تعريفيّة بأنفسهم، قالت في رسالتها لي بأنها ستكون الأفضل وستبذل وسعها في هذا، وهي حقاً من أفضل طلّاب دفعتها
- هذه هي عزيزتي كامي
- الفضل في هذا يعود لكم في جعلها تحب القراءة لهذه الدرجة
- لقد اكتشفت موهبتها هذه بنفسها منذ أن كانت صغيرة
- وهي بارعة بها
استأنفت كلامها بعد فترة قليلة من الصمت

- التقيتها منذ أيّام صدفة في الكنيسة المجاورة لكم
- هي دوماً تذهب للكنيسة، خصوصاً أيّام الآحاد
- يبدو عليها بأنها فتاة جيّدة
- أنا واثقة من هذا
- معكِ حق، لا يوجد الكثيرين مثلها هذه الأيام ..
سكتت بعد أن كادت أن تخرج عن دفّة الموضوع بعدما وصلت له بصعوبة أصلاً، ثم استأنفت كلامها

- لهذا استغربت بكائها وقتها بشدّة وحزنها الشديد، كانت تبدو في غاية الحزن ..
انتفضت الأم بشدة وكأنها صدمت وأسرعت بالسؤال عن السبب ..

- لقد قالت لي بأنها خائفة أن تزعجكما أو أن تجعلوها تذهب إلى الطبيب النفسي مرّة أخرى ..
- عادت لها الكوابيس مرة أخرى؟
- أيّ كوابيس؟
- اوه الحمد لله، لقد أقلقتِني! إذاً ما كان الأمر؟ ولمَ كانت خائفة؟
- لقد قالت لي بأنها رأت أناساً منذ فترة أزيائهم غريبة في الحديقة العامة للمدينة وكانوا يتكلمون لغة غريبة ..
- وما المشكلة في هذا؟
- قالت لي بأن الأم كانت توّبخ صغيرها لإكثاره من السكاكر عند الضيوف وبأنها لن تعطيه أياً منها في المنزل وكان الطفل يبكي ويتوسل بها أن تسامحه ..
بعد فترة صمت قليلة قالت الأم

- عذراً، لكن لم أفهم أين المشكلة بعد!

- " لقد فهمتُ لغتهم" هكذا قالت لي، مع أنها لم تستطع أن تعيد لي ما سمعت ولكنها كانت متأكدة من هذا، حتّى زي المرأة الغريب كان يبدو لها مألوفاً جداً وكأنها رأته من قبل الكثير من المرات، سألتني إن كان هناك حقاً عالم سحرة وسيأتون ليأخذونها فنفيت لها الأمر بشدّة وهدّأتها .. طلبت مني مساعدتها وأن أنصحها فوعدتها بأن أساعدها في معرفة هذه اللغة .. لكي على الأقل أعرف إن كان هذا خيال أو أي مرض ثاني .. أعرف بأن ما أقوله الآن يبدو غير منطقياً ولكنّي حقاً أود مساعدتها ..
- لقد استغربنا في البداية عدم تذكرها لأي شيء، ثم قلنا بأن هذا من حسن حضنا، لم أتخيل أبداً أن تتذكر شيئاً بعد كلِّ هذه السنين!

 

قطرة.من.بحر.الحياة © 2012 | Designed by Cheap Hair Accessories

Thanks to: Sovast Extensions Wholesale, Sovast Accessories Wholesale and Sovast Hair