أريد أمل -~9*


- كيف أنتِ اليوم ست ريتا؟
- لستُ بأحسنِ حالٍ دكتورة، اليوم الحبوب في فمي أصبحت تجعلني أتكلم بصعوبة، أنا أموت كل يوم أكثر من مرة! جسدي بدأ يتخلّى عنّي، كم من الأيام بقيت لي دكتورة؟
- لماذا تتفوهين بمثل هذا الكلام؟
- أتعرفين؟ أحياناً الموت أكثر رحمة من الحياة، لكن خوفي من الموت هو فقط خوفي من مصيري في العالم الآخر ..
- هلّا هدأتِ الآن؟ وكفاكِ تفكيراً بما قد يعكر مزاجك!
- فقط طلب أخير، أرجوكِ
- أكيد، تفضلي
- هذه الرسالة هلّا بعثتها بالبريد السريع، أريدها أن تصل بأسرع وقت وبدون أن يطّلع أحد ما على محتوياتها، أنا لا أثق بأي أحد، أرجوكِ ..
- لا داعي للقلق، سأرسلها اليوم إن شاء الله بأسرع خدمة بريدية، يمكنكِ الوثوقِ بي بأنها ستصل لأصحابها ..
- شكراً لكِ دكتورة
- سأعطيكِ منوّم الآن عزيزتي
- حسناً، تصبحين على خير
- وأنتِ من أهله

كانت المنوّمات فقط ما تجعلها تنام، كم هو متعب لأي دكتور أن يرى بأنّ مرضاه لا يمكن علاجهم، وأن إستمرارهم في الحياة لا يسبب إلّا ألماً متزايداً لهم، وما يزيد شفقتها بأن هذه المريضة منذ أوّل يومٍ لها هنا حتّى  تركت العلاج عندما علمت بعدم جدواه، وعندما عادت وجسدها مليء بإبر المخدرات، حين أصبح الشفاء أكثر استحالة، في كلِّ هذه الحالات كانت وحيدة، بل وتعيسة بصورة لا تحتمل، لم تتكلم يوماً ما عن عائلة لها، لا أبوان لا حبيب لا زوج ولا حتّى طفل، كيف يمكن للإنسان أن يكون بهذه الحالة؟ أمِن أعراض الإيدز أيضاً الكآبة؟

قررت أن تفعل شيئاً ما، ضميرها المعذّب يقتلها، كتبت رسالة ثانية ووضعتها في ظرفٍ آخر، شرحت فيها كل أحوال المريضة، وكيف أنّ عمرها لن يتعدى الأشهر في أحسن الأحوال، ترجّت من أرسلت إليه الرسالة أن يأتي ولو مرّة متكلّفة هي بمصاريف السفر، قالت بأن المريضة لا تنفك تتكلم عن الموت وخوفها من العالم الآخر، أخبرته بأن الدين المسيحي سمحٌ جداً لأن الناس ما إن تعترف بذنوبها للقساوسة ترتاح ولا تعود للتفكير بهاته الذنوب، قالت له بأنها لا تعرفي الدين الإسلامي ولكنها تكره فكرة أن تكون الأمور بهذه القسوة على هذه المسكينة ..
"كيف يجعل دين ما نساءه متوشحات دوماً بالسواد وباكيات على اقترافهن جميع الذنوبِ والآثام، وفي النهاية يمتن وحيدات دون أيّ اهتمام؟" هكذا ختمت رسالتها ..

لأوّل مرّة تكتب رسالة لأحدٍ ما وهي بهذا الغضب وكلّها أمل، كانت تركيبة مشاعرها غريبة، كان المبلغ الذي أعطتها إيّاه السيدة ريتا يكفي لإرسال الرسالتين معاً، فأرسلتهما .. 

4 قطرة / قطرات:

  1. أكيد لها تكملة صح ؟

    ردحذف
    الردود
    1. أكيد يا موناليزا ... دي الجزء ال9 من القصة وإن شاء الله الجاي قريب :) ... بتمنى متابعتك ورأيك ^_^

      حذف
  2. سلام عليكم..
    يا ارحم الراحمين يا الله..
    لا اعرف حقيقة ما مجرى على ريتا العاملة في بيت ام مريم ، وما إذا كان ما وصلت إلية هو نتيجة تلك الصفقة اللعينة المسماة بصفقة العمر ( إختطاف مريم )..؟
    من الواضح بأن البلاء والابتلاء ، يوقظ ضمير المذنب خصوصاً إذا ما تعلق الامر بما اقترف من ذنب ، وخصوصاً ايضاً إذا ما كان الذنب فات اوآن تدراكه وإصلاحه هو بحق الغير- كضحايا-اصعب منه ، إذا ما كان بحق النفس فهو اهون .
    من الواضح ان ريتا تعيش هذا الحاله وما الرسالة التي، امنتها الدكتورة إلا أمل اخير قد يكون مدخل للراحة الابدية بعد هذه المعاناة . وكذلك رسالة الدكتورة الحاثة على الرحمة هي أمل بأن تلقى تجاوب ُيسهم في خلق الراحة لريتا قبل موتها .
    يحدونا الامل بتتمة حتى يأذن الله بذلك كونوا بخير

    ردحذف
    الردود
    1. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

      حقيقة أنا سعيدة جداً، فلقد عرفت من هي ريتا مع أنني لم أذكرها إلّا في جزءٍ واحدٍ قديم ..

      أما بقية كلامك فهو تحليل دقيق جداً وجميل، وفيه من الإصابة الشيء الكثير، أسعدني جداً تعليقك اليوم أخي الكريم

      دمتم بحفظ الرحمن ورعايته

      حذف

بضع أحرف مرصوصة منك، ستشجعني، تفرحني، تقوّمني ...

لا تستصغر شأنها، وتكرّم بكتابتها لي ..

شكراً لوقتك سيدتي وسيّدي

 

قطرة.من.بحر.الحياة © 2012 | Designed by Cheap Hair Accessories

Thanks to: Sovast Extensions Wholesale, Sovast Accessories Wholesale and Sovast Hair