,

أهكذا تعرّف المحبّة ؟


سبحانك ربي .. أهكذا تُعَرّف المحبة؟

أناس يسألون عنّا ويبحثون عنّا، يريدون ودّنا ويحبّونا من دون أي سبب .. من دون أي مصلحة، تفرقنا المسافات والدروب فيبحثون عنّا ويتكلمون معنا، معهم ننسى مرّ السنين والتجاعيد التي تضيفها الأرقام المتزايدة في خانة عمرنا، معهم نشعر ببراءة الطفولة، بتلك الأيام الجميلة السعيدة، التي كان كلّ همّنا فيها إعفاء ونجاح، وكميّة الضحكات والتعليقات التي حصدناها، عندما نراهم نتذكرها، بل نعود لنلبس ثوبها ونعيشها من جديد، نكبر ويكبرون، ولكن عندما نكلمهم تخرج البراءة والعفوية المنعزلة بخوف في الزاوية التي تكاد تكون منسيّة من شخصيّتنا ..

وأناس، نتابعهم بهدوء مرّات، وبصخب مراتٍ أخرى، نسأل عليهم، نتقرّب منهم مراراً بلا فائدة، كلّما تبعناهم هربوا منّا، وكأنهم يخبروننا بأنّ أيامنا ولّت، أصبحنا أقدم من أن نكون بتلك الأهميّة لهم، نتسائل، لم هكذا اقتربوا منّا يوماً ليجعلونا نَحِنُّ لذلك القرب، وتلك العلاقة، وكأنهم نادمون على كل لحظة كانوا بها معنا ..
ربما وجدوا غيرنا، ربما ليسوا مستعدين للكلام اليوم مع شخصِنا، ربما لم نعد كافين لهم، لم تعد مصالحهم تعتمد علينا، لذا لم يضيعون مزيداً من دقائِقهم الثمينة معنا ..
الاحتمالات كثيرة تعصف بعقلنا، نستغرق وقتاً كبيراً في التفكير بها وتحليلها، تأتي فترة يشغلون بها جلّ اهتماماتنا، إلى أن يأتي اليوم الذي نقرر فيه العودة لتلك الحدود التي لم تكن يوماً موجودة، والاكتفاء بتهنِئة متكلفة بالمناسبات وبـ"لايكات" و ابتسامات أحياناً أخرى، نعاني كثيراً لنتعوّد على هذا الوضع الجديد، لم نكن نتخيّل مرتبتنا هكذا، كيف نعدّل من أماكنهم في قلوبنا؟ .. لو فقط علّمونا منذ البداية، لو فقط أعلمونا ..
لم نكن نعرف بأنهم هكذا، وحتّى لو عرفنا لم نكن لنستوعب هذه الحقيقة أو نصدّقها .. ولكن كعادة الحياة لا ترضى بأن نخدع أنفسنا، ولا أن نتوهم ونعيش بأوهامنا وخيالاتنا، فتضعنا أمام الأمر الواقع بكل قسوة وإصرار، وتصر على كشف الناس لنا، تصر على تفهيمنا أنفسنا والآخرين الذين حولنا، وإزالة كل الكذبات التي نجامل بها نفسنا ..

البعد وتقبّل الواقع، نبدأ هذا الطريق أخيراً باختيارنا، قاسي وينهك أرواحنا، نبدو كطفلٍ يبيع حلوى ويمنع نفسه من أكلها، ولكن يعزينا أنّ يوماً ما بعِزّ حاجتهم لنا لن يجدوننا، ولكن هل فِعلاً سنستطيع عدم الوقوف بجانبهم وقتها؟؟

على الأقل سنكون أقوى، سنخلي ما كان دوماً لهم ليأتي الأفضل، الأجدر، من سيقدرنا ويحترم قلوبنا ..

ولن نتعب حينها في أسئلة ووعود غير مجابة، كأنهم الوحيدون الذين يعانون هنا، والوحيدون الذين أذاقتهم الحياة من مرارتها وحديّة حوافها، أو ربّما الوحيدون الذين تذيقهم الحياة اليوم حلاوة وسعادة، حتّى لو أجبناهم يومها سنفعل ذلك بدافع الصدقة، بدافع التكرم والتمنن منّا، حتى لو لم نشعرهم، استقلالنا وعدم حاجتنا لهم سيدعمنا، وسيجعلنا أعلى ..

كم هي غريبة هذه الحياة، كم تحمل في طيّاتها مفاجآة، يا رب لا تعلّق قلوبنا بمن لن تتعلق قلوبهم ومصائرهم معنا .. اللهم آمين.

2 قطرة / قطرات:

  1. واخيرا مع رجعتي للبلوقر شفتك كاتبه شي
    حسبت كل ناس اللي اعرفهم اعتزلته :)
    اشتقتلك كثير ولكتاباتك ان شاء الله لي رجعه اخذ جوله عالكتابات اللي فاتتني

    قريت من فترة قريبه معلومه بان الانسان كل عشر سنوات يتغيرون اصحابه وهذا شي طبيعي بسبب تغيير ظروف الحياة والصديق اللي يكون معك بعد عشر سنوات توقعي بيكون معك صديق للعمر كله

    ردحذف
    الردود
    1. تصدقين لو قلتلك ان البارحة واليزم كنتِ على بالي ودا افكر فيكِ؟

      كنت اسأل بيني وبين نفسي عن أحوالك وأخبارِك ..

      صارلي فترة انسى احط كتاباتي هنا لان اغلب المتابعين اختفوا .. كثير ناس اختفوا للاسف :( ..

      مشتاقتلك والله ويا الف مرحبا برجعتك ..

      اي قارية شي مشابه الها "8 مدري 7 سنين" مبقى شي ويصير عندي صديقات للعمر كله باذن الله تعالى، :)

      حذف

بضع أحرف مرصوصة منك، ستشجعني، تفرحني، تقوّمني ...

لا تستصغر شأنها، وتكرّم بكتابتها لي ..

شكراً لوقتك سيدتي وسيّدي

 

قطرة.من.بحر.الحياة © 2012 | Designed by Cheap Hair Accessories

Thanks to: Sovast Extensions Wholesale, Sovast Accessories Wholesale and Sovast Hair